الديوان الوطني لتسيير و استغلال الممتلكات الثقافية المحمية

جديد الأخبار

ضرورة تجاوز البعد التاريخي خدمة للفعل الثقافي


 

يسعى المشرفون على الشأن الثقافي في الجزائر لتدارك التأثر في حماية المعالم الأثرية والاستثمار فيها لتتحول إلى مصادر للثورة، ولعل دعوة وزارة الثقافة، مؤخرا، الخواص إلى اقتحام هذا المجال دليل على رغبة الوصاية في تكريس نفس السياسة التي تسير بها هذه الأماكن، التي بالإضافة إلى كونها جزءا من الذاكرة الجماعية في كل بلد، تشكل فضاءات من شأنها تحقيق أرباح وتجسيد ثقافة ذات مردودية اقتصادية. 

يجري التفكير بين أسوار الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية في وضع دفتر شروط جديد خاص باستثمار المتعاملين الخواص في الهياكل القاعدية التابعة له والمتعلقة بالاستقبال والخدمات بغرض الاستغلال التجاري الأمثل للمواقع الأثرية ومتاحفها، وهو ما يعني أن المسؤولين على قناعة أن المواقع الأثرية -وبعيدا عن البعد التاريخي الذي تتمتع به على اعتبارها تشهد لعراقة الحضارات التي تعاقبت على الجزائر- لا بد من أن تتحول إلى منابع للثروة والأرباح -كما هو معمول به في مختلف البلدان التي تعرف كيفية تثمين تراثها- ولم يعد الوقت كاف للاكتفاء بأن تحتضن فضاءات بماض مجيد، على غرار «تموقادي» بالأوراس، كويكول» بعاصمة الهضاب العليا، ومعالم أثرية أخرى بتنس، تيبازة، شرشال، عنابة وغيرها من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب، حفلات ومهرجانات ومواعيد ثقافية والوقوع في فخ «المناسبتية» وكأن صلاحية تلك الوجهات محدودة وتختصر في نشاط موسم معين وفي باقي الأيام تحدق الأعين عن بعد فيها وكأنها أطلال منسية.

الفعل الثقافي الذي تصر وزارة الثقافة لإنهاء مجانيته منذ سنوات ليتحول لمنتوج يستهلك مقابل دفع مبلغ رمزي مساهمة في تحفيز أسرة الإبداع، يحاول قدر الإمكان -ورغم السبات والشلل اللذان تفرضهما منذ شهر مارس الماضي جائحة كورونا- مواجهة التحديات التي تفرضها الأقدار أحيانا، فلعل فيروس كورونا أقنع الكثيرين أن العالم الافتراضي طرف للترويج له بعد أن لم يعد الواقع فضاء ملائما للعملية، والقطاع الخاص الذي يترك بصمته في مجال السيارات، الهندسة المعمارية، الدراسة، ومجالات أخرى مطالب بإقحام تجربته في الثقافة، وترك الأفكار الضيقة جانبا، لكون «المغامرة» لا تعني دائما «الشرب من إناء فارغ» ولعل أروقة الفن، قاعات السينما، دور المسرح، والمعالم الأثرية التي تملكها الجزائر هنا وهناك تحتاج لالتفاتة ودعم الخواص لبعث الحياة فيها، خصوصا في أوقات الأزمة إن لم تكن هناك نية في رؤية شمعتها تنطفئ رغم امتلاك هؤلاء وسائل الإنقاذ.  

المعالم الأثرية -وتجربة حريق كنيسة نوتر دام بباريس وتجند الإنسانية لإنقاذها علمنا ذلك-وبعيدا عن قيمتها التاريخية، علينا أن تعرف كيفية الاستثمار فيها إن أردنا عدم اختزال دورها في الاحتفاء بمناسبات وتنظيم «زردات» نفترق بمجرد اختتام فعالياتها، أو تكرار تجارب الترميم وإعادة التهيئة، والإلحاح على مشاركة الخواص في تنشيطها مسؤولية بحد ذاتها، خصوصا أن بعض المبادرات الصيفية التي سبق لهؤلاء أن قاموا أثبتت نجاحها وحان الوقت لتجاوز تلك «الأنانية» من أجل تقديم الأجمل، فما ذلك إلا خدمة لثقافة شعب ووطن. 

ز. أيت سعيد

logo_ogebc.png

المديرية العامة
دار عزيزة، 02 ساحة ابن باديس
القصبة السفلى، الجزائر العاصمة - 16000.

تابعونا على مواقع التواصل الإجتماعي

الرسائل الإخبارية

أدخل بريدك الإلكتروني وسنرسل لك المزيد من المعلومات ...

Copyright © 2024 OGEBC
Direction Générale
Dar Aziza, 02 Place Ben Badis,
Basse Casbah, Alger - 16000
+213 (0)21 43 04 07
+213 (0)21 43 04 73
+213 (0)21 43 00 05
+213 (0)21 73 02 22
+213 (0)21 73 87 39