GROTTE IBN KHALDOUNE

قلعة بني سلامة ومغارات ابن خلدون

الموقع الجغرافي:

               تقع المغارات المسماة بمغارات ابن خلدون في قرية تاوغزوت المتواجدة على بعد 6كلم جنوب غرب دائرة فرندة، محتلة مكانا حصينا على شكل نتوء صخري بالحافة الشرقية لبلاد سبيبة، أين تنتشر مجموعة من المغارات القريبة من قلعة بني سلامة التاريخية.

تأسيس قلعة بني سلامة

               كانت منطقة تاوغزوت ومنذ الفتح الإسلامي موطنا لتجمع إحدى بطون زناتة التي كانت في معزل عن الصراع المذهبي بين زناتة و صنهاجة، والتي تحولت وخلال حكم المرابطين ثم الموحدين في قرنين 5و6ه  إلى موطن لقبائل بني توجين المرتبطة بالولاء مع عشائر سويد الهلالية، وهو الأمر الذي سمح لبعض العرب من سويد بالتوجه إليها قبل أن يتمكن رجال من بني يدللتن من توجين من امتلاكها وهذا ما شجع زعيمهم سلامة بن نصر سلطان أن يتخذها مقرا له بعد أن اختط بها قلعة لتكون سكنا له، فنسيبت إليه وأصبحت تعرف بقلعة بني سلامة.

نزول العلامة ابن خلدون بقلعة بني سلامة:

               تحولت القلعة لحكم نزمار بن عريف بعد أن اقتطعها له السلطان المريني أبو عنان عند استيلائه على المغرب الأوسط، فبنى بها أبو بكر بن عريف قصره الذي نزل فيه ابن خلدون الذي طابت إقامته الذي وصفها بأنها  » من أحفل المساكن وأوثقها »  ، فأقام بها أربع سنوات متواصلة من 776ه/ 1374م وإلى غاية 780ه-1378م مستعرضا تجاربه ومتأملا في واقع الحياة السياسية والاقتصادية والإجتماعية، وهو ما يصفه بنفسه في قوله:  » في عيد الفطر عام 776ﻫ  أخذت في طلب العلم وخرجت من تلمسان حتى انتهت إلى البطحاء فعليت منداس ولحقت بأحياء أولاد عريف بعين سبيبة قبلة جبل قزول في الجنوب الغربي لتيهرت على بعد 10 كلم فتلقفوني بالكرامة وأقمت بينهم أياما حتى بعثوا إلى أهلي وولدي من تلمسان وأحسنوا العذر إلى السلطان أبو حمو للعجز عني عن قضاء أعوام أخرى في خدمته وأنزلوني بأهلي في قلعة بني سلامة من بلاد توجين

المغارات وعلاقتها بمقدمة ابن خلدون: يبدو أن العلامة ابن خلدون أراد أن يدون تجاربه في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في كتاب جامع وهو مقيم في قلعة بني سلامة، وشرع في تدوين مقدمة الكتاب الذي سماه  لاحقا « كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر » ، فقضى كل فترته إقامته بالقلعة في تأليف الجزء الأول من هذا الكتاب الذي يعرف لدى الباحثين ب « مقدمة ابن خلدون »، مستفيدا من هدوء المكان و سكونه وهو ما عبر عنه في قوله:  « فأقمت فيها أربعة أعوام وشرعت في تأليف هذا الكتاب وأنا مقيم بها وأكملت المقدمة منه على ذلك النحو الغريب الذي اهتديت إليه في تلك الخلوة، فسألت فيها شأبيب الكلام والمعاني على الفكر حتى امتخضت زبدتها، وقد فرعت من مقدمته وسميته كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر

            إن الخلوة الواردة في قول ابن خلدون أصبحت تقترن بالمغارات المحيطة بالموقع الذي نزل فيه، وساد الاعتقاد أن مؤسس علم الاجتماع نزل بتلك المغارات أثناء تدوينه لتلك المقدمة، فاصبحت تعرف بمغارات ابن خلدون

               أنهى ابن خلون مقدمته في منتصف سنة 779ه فواجهته مشكله المصادر والمراجع ومالت نفسه للخروج من عزلته، فتهيأ للرحيل معتلا بعدم كفاية الأوراق التي اصحبها معه لكتابة تاريخيه، وسافر إلى تونس سنة 780ه، وكأنه نزل بالموقع من أجل وضع أسس علم الإجتماع وغادره بعد أن فرغ من ذلك

.  

.

. »

 » .